جدول المحتويات
الأخبار (نواكشوط) – قال رئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود إن مواجهة الفساد في موريتانيا تحتاج أكثر من مجرد ردود فعل ظرفية، وتتطلب قطيعة حقيقية مع نظام “الابتزاز السياسي” الذي يُكبّل الإدارة العمومية، على حد وصفه.
وأضاف ولد مولود في تصريح لوكالة الأخبار المستقلة أن تقرير محكمة الحسابات ليس جديدًا من حيث المضمون، “لكنه أثار هذه المرة ردود فعل غير مسبوقة، بسبب تصاعد الوعي الشعبي، وعدم قدرة الرأي العام على تحمل تكرار تجاهل هذا النوع من الفضائح”.
ووصف ولد مولود الإجراء الذي اتخذته الحكومة بإحالة من وردت أسماؤهم في التقرير إلى القضاء، بأنه يمثل خطوة إيجابية، لأنه يتيح للموظف فرصة تبرئة نفسه إن كان بريئًا، ومعاقبته إن ثبتت التهم عليه، مضيفًا أن هذا التوجه يلامس مطالب الشارع الموريتاني.
وأضاف أن خطوة إحالة تقارير محكمة الحسابات إلى القضاء، رغم أهميتها، لن تكون ذات أثر حقيقي إن ظلت “بيتًا يتيمًا” يتغنى به النظام دون استكمال المسار، مشددًا على أن الموظف ليس الفاعل الوحيد في دائرة الفساد، بل هو الحلقة الأضعف فيها، بينما توجد خلفه لوبيات ومراكز نفوذ سياسية واقتصادية ترعى وتغذي هذا الواقع.
وأشار رئيس اتحاد قوى التقدم إلى أن الفساد في الدولة له جذور سياسية واقتصادية، موضحًا أن الموظف العمومي بات رهينة الولاء السياسي لضمان الحماية من الإقالات، أو البقاء في المنصب، وهو ما يجعله عرضة للضغط والانخراط في ممارسات غير قانونية خوفًا من فقدان وظيفته.
وأوضح ولد مولود أن الإدارة الموريتانية لا تخلو من الكفاءات والموظفين النزهاء، لكنهم في الغالب يعيشون حالة حصار دائم، ويتعرضون للابتزاز السياسي، ويُرغمون أحيانًا على الانخراط في ممارسات لا يرضونها، “فقط لحماية مواقعهم الوظيفية”.
وأكد أن تفكيك منظومة الفساد يجب أن يكون هدف المرحلة، مضيفًا أن الرئيس محمد ولد الغزواني تتوفر له حالياً ظروف ملائمة لتحقيق ذلك، بعد أن أصبح في مأمن من ضغوط الترشح والانتخابات، ولديه رأي عام متعطش للتغيير، بات يرفض الصمت على الفساد.
وشدد ولد مولود على أن اختلالات قطاعات حيوية كالتعليم والمياه والبنى التحتية، تعود بشكل مباشر إلى سوء تسيير الموارد وغياب الرقابة، حيث تُحوَّل المخصصات إلى وجهات أخرى بفعل الفساد.
ودعا ولد مولود إلى إصلاح إداري وقانوني شامل يحمي الموظف من الزبونية، ويضع آليات واضحة تمنع تحويله أو فصله إلا وفق معايير شفافة، مؤكدًا أن الحماية المادية والوظيفية ضرورية، سواء في أثناء الخدمة أو بعد التقاعد، حتى لا يُضطر الموظف للارتماء في أحضان الفساد.
ورأى ولد مولود أن الوضعية المادية الهشة للموظف، خصوصًا عند التقاعد، تعد إحدى العوامل البنيوية التي تُغذي الفساد وتمنعه من الزوال ما لم تُعالج جذوره.
وختم بالقول إن نشر محكمة الحسابات لهذا التقرير يكشف أن ما كان مقبولًا أو مسكوتًا عنه في مراحل سابقة، لم يعد مقبولًا في هذا الزمن الذي بدأ فيه وعي الشعب يفرض نفسه.