تخطى الى المحتوى

الكرة في مرمانا نخبة و مواطنين

جدول المحتويات

بالموقف الصادق المجسّد في قرارات و إجراءات، و بالأفعال الحاسمة الشجاعة لا بالشعارات البراقة، نستطيع التفريق بسهولة بين الدعاية و الحقائق.

 

و من هذا المنطلق، يمكننا القول الآن: إن إعلان الحرب على الفساد الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب تنصيبه، لم يكن مجرد شعار للإستهلاك، بل كان وعد حر من طبعه الوفاء بالعهود.

 

 

فلم يكد فخامته يتسلم تقرير محكمة الحسابات، حتى ألزم حكومته بأن تبني على الشيء مقتضاه، مُتْبعًا تلك الخطوة بخطوة أخرى، من خلال إعلان موقفه المدوي الذي لا لبس فيه من هذا الموضوع، و ذلك بمناسبة إشرافه على حفل تخرج طلاب المدرسة الوطنية للإدارة.  

 

و لم تتأخر حكومته في التنفيذ، بل طبقت توصيات المحكمة فورا، و عزلت المشتبه بهم في اجتماع مجلس الوزراء الموالي، و أحالت كل المعنيين إلى القضاء صاحب الكلمة الفصل.

 

نخطئ كثيرا إذا لم ندرك أبعاد و تداعيات هذه القرارات الصارمة و الإجراءات الحازمة، فالأمر هنا لا يتعلق بتدابير إدارية و قانونية فحسب، و إنما يعني – ضمن ما يعني – انسجاما مع ما عرفناه عن فخامة الرئيس من حرص على إضفاء الطابع الأخلاقي على الفعل السياسي. فعن أي قيم إسلامية و أخلاق و مثل عليا يمكن أن نتحدث، إذا لم نعزز و نرعَ قيم النزاهة و الإستقامة و الأمانة؟

 

يعني انسجاما – من ناحية أخرى – مع قرارات تحصن الوحدة الوطنية و الوئام الاجتماعي و تعزز الأمن و الاستقرار و تجسد الوعي العميق بما يفرضه المحيط الإقليمي و الدولي من تحديات أمنية و جيوسياسية و بما راكمناه، على مر العقود، من اختلالات بنيوية عميقة؛ ومن أمثلة هذه القرارات: خيار المدرسة الجمهورية، إنشاء تآزر…
يعني ترسيخا للعدالة و المساواة، و تجسيدا لمبدأ “لا أحد فوق القانون”، و تعزيزا لثقافة الشفافية و المساءلة، و استعادة لثقة المواطن في نخبته السياسية و في مؤسسات وطنه.

 

يعني أيضا، بالنسبة لنا، وفاءً بوعد السماح باستقلالية المؤسسات، و تفعيل أدوارها، و رعاية أجهزة الرقابة، و في مقدمتها محكمة الحسابات، أعلى هيئة مستقلة مكلفة برقابة الأموال العمومية.

 

يعني كذلك، العزم على البناء على الأسس القوية التي وضعت لكسب معركة مكافحة الفساد: مراجعة الترسانة القانونية في هذا المجال، إنشاء السلطة الوطنية لمكافحة الفساد…

 

يعني علاوة على ذلك كله، تصميما على إزاحة أكبر عائق أمام التنمية و ولوج المواطن للخدمات، فلا تنمية مع غول الفساد الذي طالما التهم جل الأموال التي خصصت لهذا الغرض، وما زلنا نفتقر لأبسط الخدمات، رغم ما أنفقنا من موارد ذاتية حينا ومقترضة أو موهوبة أحيانا أخرى.

 

مسؤوليتنا هنا – نخبة و مواطنين – هي دعم فخامة الرئيس في هذه الحرب المقدسة، ملبين دعوته في خطاب التنصيب أعلاه، حيث يقول: إن الحرب على الفساد و الرشوة وسوء التسيير حرب الجميع: حرب المنظومات الإدارية و القضائية، حرب أجهزة الرقابة و التفتيش، حرب النخبة من علماء و أئمة و ساسة و مثقفين و قادة رأي و مجتمع مدني و صحافة و مؤثرين اجتماعيين، و لا سبيل للنصر فيها إلا بتضافر جهود الجميع”.

الأحدث