جدول المحتويات
الأخبار (نواكشوط) – أعرب الأمين العام للكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية الأستاذ محمدن ولد الرباني، عن أمله الكبير في أن تشرف الحكومة الموريتانية على انتخابات التمثيلية النقابية المرتقبة بحياد ونزاهة وشفافية وموضوعية، وأن تتيح مساحة متساوية لجميع الشركاء.
وقال ولد الرباني، في مقابلة مع وكالة الأخبار المستقلة، إن الإشكال الحقيقي يكمن في الطبقة الوسطى من الإدارة، من مديرين جهويين ومركزيين، باعتبارهم المعنيين بشكل مباشر بالعامل الموريتاني، مشيرًا إلى أن توجهات هذه الفئة سيكون لها تأثير لا محالة.
وأكد ولد الرباني أن الكونفدرالية ستراقب العملية الانتخابية عبر امتداداتها المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، وستعمل على رصد أي خروقات بشكل موضوعي، وإبلاغ الجهات المختصة بها في الوقت المناسب.
وأضاف ولد الرباني “لن نكون من أهل الابتزاز الإعلامي، ولا من أصحاب الضغط من أجل الضغط، بل سنكون من أهل الكلمة العادلة والموقف المنصف”.
وتحدث ولد الرباني في المقابلة عن مواضيع أخرى متعددة، فإلى نص المقابلة:
الأخبار: كيف تقومون ظروف تنظيم الحملة الانتخابية حتى الآن؟
أمين عام CNTM: بالنسبة للحملات الانتخابية التي انطلقت قبل أيام ما زال الحكم عليها حكما مبكرا خاصة أن المنظمات النقابية تختلف عن الأحزاب السياسية التي اعتادت الناس أن تحشد آخر الليل، وأن تبني الخيام، وأن ترفع المكبرات، النقابات العمالية، هي نقابات متواضعة الإمكانات، وهي أيضا تخاطب نخبة، وبالتالي فطبيعة الحملة الانتخابية في النقابات مختلفة عن طبيعتها في الانتخابات الوطنية، التي تخاطب الجماهير بمختلف مستوياتها.
وعموما، فقد قررنا أن يكون نشاطنا الافتتاحي جماهيريا، وفي دار الشباب القديمة، وأنبه إلى أن هذه الحملة زادت يوما لأن النصوص تنص على أنها ينبغي أن تكون 15 يوما وبافتتاحها الحالي تكون 16 يوما، لأن يوم الصمت الانتخابي هو واحد.
الأخبار: ما الضمانات التي ترون أنها كفيلة بجعل الانتخابات الحالية حرة ونزيهة وشفافة؟
أمين عام CNTM: بالنسبة للضمانات – حتى الآن – لا يمكن أن نتحدث عن ضمانات حقيقية، أملنا كبير في أن تؤدي الحكومة الموريتانية واجبها بالإشراف على هذه الانتخابات بنزاهة وحياد وشفافية وموضوعية، وبأخذ مساحة متساوية من جميع الشركاء، على الأقل على المستوى الرسمي الحكومة تتبنى هذا أن يكون ثمة مستوى من الحياد الرسمي على مستوى الحكومة، لكن يبقى الإشكال هو الطبقة الوسطى من الإدارة، هي المديرون الجهويون والمديرون المركزيون الذين هم أصحاب العلاقة المباشرة مع العامل، وبالتالي فإن توجهاتهم لا بد أن يكون لها مستوى من التأثير، ما نأمل وما نتوقع أن هذه الانتخابات يفترض فيها أن تكون نزيهة وفيها مستوى من الشفافية والمصداقية هذا ما نأمله وهذا ما نقدر أنه سيكون هو الواقع إلى أن يثبت العكس.
نحن سنراقب العملية بإذن الله تعالى، ولدينا امتدادات على كافة التراب الوطني ليست فيه مقاطعة إلا ولدينا فيها وجود معتبر فيه المعلمون والأساتذة وفيه قطاع الصحة، وسنتابع هذه العملية، وسنرصد هذه الخروقات وسنرسلها في الوقت المناسب للجهات المناسبة، حين ما يتأكد لنا أن هناك انحراف، وأن هناك انحياز من الإدارة يمكن أن يؤثر فعلا على إرادة الناخبين فإننا لن نتردد في كشف ذلك، والعمل بما يقتضيه ذلك الانحراف، حتى ولو كان في النهاية قد يؤدي لا قدر الله إلى الانسحاب من المسار، كل شيء ما زال الحديث عنه مبكرا لأن هذه الانتخابات ستبقى فيها مستوى من الحياد والموضوعية، ونحن نراقبها وسنراقبها بكل موضوعية، وإبلاغ الجهات المعنية، سنراقبها بكل موضوعية يعني لن نكون من أهل الابتزاز الإعلامي ولن نكون من أهل الضغط من أجل الضغط، وإنما سنكون بإذن الله تعالى من أهل الكلمة بالقسط وموقف العدل.
الأخبار: إلى أي حد تعتقدون أن هذه الانتخابات تُعبّر عن تطلعات العمال؟ وهل تم إشراكهم بشكل كافٍ في التحضير لها؟
أمين عام CNTM: هذه الانتخابات يفترض أن تعبر عن تطلعات العمال كما يُفترض أنهم يؤدونها بحرية واختيار بدون ضغط، والموظف الموريتاني بشكل عام ليس لديه ما يخسره وليس لديه ما يضغط عليه إذا ما استثنينا بعض المعينين في وظائف العلاوات والمديرين المركزيين مثلا والمستشارين، وتلك الطبقة، وهي بالمناسبة قلة قليلة، إذا ما استثنينا هؤلاء فليس لدى الموظف ما يخشاه، ولا يمكن أن يضغط عليه، وبالتالي فإنه في سعة من أمره، عليه أن يفكر عليه، عليه أن يقدر أن يرفع من المصلحة الوطنية والهم النقابي فوق كل اعتبار، وحينما يكون الأمر كذلك لا بد بإذن الله تعالى أن تفرز هذه الانتخابات النقابات الجادة التي تسمو بالعمل النقابي وتغير واقع العمل.
الأخبار: هل ترون أن نسبة المشاركة في التصويت ستكون معيارا حقيقيا لشرعية التمثيل النقابي؟
أمين عام CNTM: النصوص القانونية لم تحدد نسبة معينة لشرعية الانتخابات، فالنسبة المطلوبة للتمثيل هي النسبة المعينة من المشاركين بغض النظر عن أعداد المشاركين، لو افترضنا مثلا أن هذه الانتخابات لم يشارك فيها أكثر من 20% من المعنيين بها فهي سليمة من الناحية القانونية، وترتب النقابات حسب ما حصلوا عليه من نسب تلك المشاركة، لو افترضنا مثلا أن الناخبين حوالي تقريبا 45 ألفا وصوتت منهم 9 آلاف فقط، فإن النسبة المطلوبة للتمثيل هي 10% من هذه 9 آلاف، وهكذا فانخفاض نسبة المشاركة ليس قادحا في شرعية الانتخابات، وهذا شيء طبيعي لأن نسبة العمل النقابي في العالم ليست نسبة كبيرة، لأننا إذا ذهبنا مثلا إلى أوروبا فإن نسبة الانتساب للنقابات فيها من عموم الموظفين حوالي 19%، هؤلاء هم المنخرطون في العمل النقابي، طبيعي أن يصوت من ليس منتسبا، هذا حق للموظف له أن يمارسه وله أن يمتنع عنه، كحق المواطن أن يمتنع عن الانتخاب وله الحق أن ينتخب من يشاء، وله الحق أيضا أن لا يشارك في أي انتخابات، وبالتالي فإن نسبة المشاركة غير مؤثرة على شرعية هذه الانتخابات، وهنا أريد أن أقول إنني لا أعلم وأتحمل المسؤولية نقابات لها وجود في الواقع معتبر، ولها تاريخ، وهي تقاطع هذه الانتخابات، وإن كانت فهي نقابة أو نقابتان من كثير، وبالتالي فإن شرعية هذه الانتخابات ليست مستمدة فقط من التنظيمات القانونية، وإنما هي مستمدة من الإجماع الفعلي، لأن كل النقابات التي لها تاريخ والتي لها امتداد تبنت الانخراط في هذه العملية رغم بعض التحفظات على المسار من أصله، وعلى عدم مراجعة مدونة الشغل، لكن تلك التحفظات لم ترق إلى أن تجعلنا نقاطع هذا المسار البالغ الأهمية، والذي ناضلنا نحن وشركاؤنا فيه حوالي 20 سنة، فليس من المقبول أن نقاطعه بسبب بعض التحفظات، وبعض الأخطاء التي ليست ذات أهمية كبيرة بالنسبة للخطوات التي سبق أن اتخذناها منذ فترة كبيرة، ونحن نقوم بمشاريع مع بعض الشركاء حول التحسيس بالتمثيلية النقابية وضرورتها، وعقدنا الكثير من اللقاءات مع المسؤولين وقمنا بالكثير من الورشات، ومع تقدم هذا المسار كثفنا من ذلك، هذا بالإضافة إلى المقابلات التي يقوم بها بعض القياديين في النقابات المنضوية في الكونفدرالية مع منتسبيهم، وعموما هذه تجربة أولى سيبقى كثير من الناس غير مستوعب لها لا يدرك مدى أهميتها إلا أننا نظن أننا قمنا بحملات أسهمت كثيرا في تقريبها من الناس وفي عنايتهم بها، ونتوقع بإذن الله تعالى أن تكون نسبة المشاركة نسبة معقولة إن لم تكن جيدة.
الأخبار: ما بعد النتائج.. في حالكم لم تحققوا نتائج متقدمة، هل ستقبلون بشرعية النتائج كخطوة نحو تنظيم الحقل النقابي؟
أمين عام CNTM: على كل حال، هذا الأمر موضوعيا ليس متوقعا بإذن الله تعالى، هذه الانتخابات لن تتمتع بأدنى مستوى من الموضوعية وبأدنى مستوى من الشفافية إلا وكانت النقابات الأساسية في الكونفدرالية من أعلى النقابات المهنية تمثيلا على مستوى قطاعات الوظيفة العمومية، وبالأخص قطاع التربية بأسلاكه المختلفة وقطاع الصحة أيضا بأسلاكه المختلفة، وبالتالي هذه مستبعدة كل الاستبعاد، وبالتالي ما هو مستبعد لا يبنى عليه في التصور.
الأخبار: وفي حال فزتم بالتمثيلية، ما هي أولوياتكم لإصلاح الحقل النقابي؟ وهل لديكم خطة لإعادة بناء الثقة بين النقابات والعمال؟
أمين عام CNTM: نحن قدمنا برامج انتخابية لكل نقابة مهنية مترشحة، وهذه البرامج الانتخابية تقوم على ركيزتين، ركيزة مشتركة بين كل هذه النقابات لأنها المطالب الأساسية للوظيفة العمومية مثل برنامج السكن بالنسبة لجميع الموظفين، وتحسين وتطوير صندوق السكن بالنسبة للمدرسين، ومثل مراجعة قانون المعاشات، ومثل تخفيض القروض والأرباح البنكية على المرابحات وعلى القروض البنكية، وتعميم وتحسين خدمات الصندوق الوطني للتأمين الصحي، هذه وغيرها أمور مشتركة لدى جميع النقابات تختص كل نقابة بعد ذلك بخصوصية سلكها أو قطاعها الوظيفي، فنقابات الصحة مثلا ترفع علاوة الخطر، ونقابات التربية ترفع علاوات الأساتذة وزيادتها، والعدالة في الراتب.
فبرامجنا نتوقع بإذن الله تعالى أن تكون مُهيمنة على ما سواها من البرامج شمولا وعمقا وتركيزا.
الأخبار: هل أنتم منفتحون على التنسيق أو التحالف مع نقابات أخرى بعد الانتخابات؟ أم أنكم تفضلون العمل بشكل مستقل؟
أمين عام CNTM: نعم، هذا من صميم برامجنا، برامج هذه النقابات المهنية على محاور المحور الأول منه محور المؤسسة، وتتعهد فيه مؤسساتنا النقابية أن تظل مؤسسات فيها التداول الديمقراطي، وتقدم تقارير سنوية لمنتسبينا والمتعاطفين معها حول ما أنجز من هذه المطالب، وحول العراقيل التي تحول دون إنجاز ما لم ينجز، كلها أيضا أعربت في برامجها عن استعداد لمبدأ الحوار وتبنينا الحوار كخيار أول، والمفاوضات هدفا أول، لكن حين لا يجدي الحوار، ولا تجدي المفاوضات، أو لا تكون مفتوحة أصلا، فإن خيار النضال أيضا خيار مفتوح بكل وسائله، ولو أدى ذلك إلى الإضرابات غير المحدودة والاعتصامات غير المحدودة، فكل ذلك يبقى واردا، والتاريخ يشهد أن لنا صبر مزدوج على المفاوضات الجادة، وعلى أيضا النضال الصارم القوي، ولكل النقابات نص برنامجها الانتخابي على أنها مفتوحة الذراعين لجميع النقابات التي سيكتب لها الفوز في هذه الانتخابات ممثلة للعمال، وأننا سنكون معهم يدا واحدة، وسننسق معهم بشرط أن يكون ذلك في خدمة القاعدة، وفي خدمة العمال.
هناك ظاهرتان في بعض النقابات، هما ظاهرة العدمية التي أصحابها لا يعدون الحوار شيئا ولا يعدون المفاوضات شيئا، وبالتالي ليست لهم أهدافا وإنما يرون أن الاحتجاج من أجل الاحتجاج هو السبيل للحصول على الأهداف، هؤلاء طبعا لن يكون من الممكن أن نسايرهم ليس لهم هدف وليست لهم رؤية، ويفتقرون إلى النضج، والظاهرة الثانية في بعض النقابات أنها وجدت لتكون ظهيرة للنظام في تبرير كل مواقفه، فلو أن النظام زاد الرواتب بـ50 أوقية لاعتبروها مكسبا كبيرا، فهذه النقابات أيضا التي أخذت على نفسها أنها ظهير للنظام في كل شيء من المستعصي أن تدخل في تنسيق حقيقي مع النقابات في الشأن.
أما النقابات الجادة التي تنطلق من مبدأ ضرورة الحوار والمفاوضات تقبل ما يقبل، وترفض ما يرفض، وتحتج وقت الاحتجاج، فهذه يدنا في يدها لأن هدفنا واحد ومصيرنا أيضا واحد.
الأخبار؛ هل هناك تدول على المؤسسات داخل نقابتكم؟ وما موقفكم من ظاهرات “الزعامات الأبدية” في العمل النقابي؟
أمين عام CNTM: نحن في هذه المنظمة نكاد نكون المنظمة النقابية الوحيدة التي يعتبر التداول سمة بارزة فيها كمنظمة، وفي منظماتها المنضوية تحتها. وعندنا مثلا نقابات فيها أمين عام سابق وأسبق وأسبق من ذلك، وكلهم يقضي الواحد منهم المأمورية أو المأموريتين. هناك بعض النقابات مصاب بتيه، فهي حديث النشأة ولم يكمل 5 سنوات، ومع ذلك تعاقب عليها أمناء عامون سابقون، هذا يدل على أنه عندهم أزمة قيادة.
أزمة القيادات الأبدية أثرت تأثرا كبيرا على بعض الأحزاب، ونخشى أن تؤثر على الحقل النقابي، ومع ذلك فنحن لا ننكر أنه قد يوجد بعض الشخصيات التي لها مكانة خاصة لدى مناضليها وليس كل تأبيد أيضا يمكن أن نعتبره ليس مؤسسيا، لكن الظاهرة العامة أن مؤسسة تضم كفاءات عالية ومتنوعة على الجميع أن يجد فيها فرصة أن يؤدي دوره كمسؤول، أو هناك من المنظمات ما تأسس بجمعية عمومية ومنذ ذلك الوقت لم يعقد أي استحقاق وبالتالي هذا ما يميزنا في هذا الحقل.
الأخبار: كلمة ختامية لكم في نهاية هذه المقابلة
أمين عام CNTM: أود أن أخاطب جميع موظفي وموظفات موريتانيا أن هذه الفرصة التي سنحت لهم فرصة لو ضيعوها سيندمون عليها، وهم جديرون بأن يستغلوها، وأن لا يصوتوا إلا للنقابات التي يشهد التاريخ والواقع بأنها ظلت تحمل هموم العامل في مختلف الميادين، وأنها راكمت التجارب، وتقدم برنامجا جامعا بين الطموح المشروع والواقعية اللازمة، وهذا ما يتحقق في نقابات الكونفدرالية الوطنية للشغيلة الموريتانية، وقد يتحقق في بعض النقابات الأخرى، لكن ليس بالنسبة التي يتحقق في نقاباتنا.