تخطى الى المحتوى

أمين عام CGTM: نأمل أن تحقق التمثيلية أهدافها وعلى الإدارة التزام الحياد

جدول المحتويات

الأخبار (نواكشوط) – عبر الأمين العام للكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا محمد ولد عبد الله الملقب “النهاه” عن أمله في أن تحقق التمثيلية النقابية أهدافها المرجوة، وهي تمكين العمال من اختيار النقابات التي تمثلهم، داعيا الإدارة لالتزام الحياد وأن تعي أن التأثير على قرارات العمال قد يكون حلا آنيا لكنه خسارة استراتيجية.

 

وتوقع ولد محمد الملقب “النهاه” في مقابلة مع وكالة الأخبار المستقلة أن يشوب هذه العملية الكثير من النواقص، منبها إلى أن حكمهم عليها سيكون بعد انتهائها، لافتا إلى أن ما تقدم منها فيه عدة تعثرات بدءا بالنصوص المؤسسة للعملية، وفي تنظيم العملية ذاتها وما سيحصل من التداخلات التي تعود عليها الموريتانيون.

 

وعبر ولد محمد عن أمله في أن تسهم العملية في غربلة الساحة النقابية حتى تكون موريتانيا تحترم التزاماتها في مجال التفاوض الذي هي بحاجة إليه وتكون بادرة لفرض دولة القانون، فالمقولة بأن موريتانيا لديها قوانين وغير مطبقة جانب منها صحيح وجانب غير ذلك فهناك قوانين كارثية منها على سبيل المثال قوانين حرية التنظيم والتعبير وكذا التجمع المرتبطة بأخذ إذن من الحكومة، والعبء الأكبر في تحقيق هو على الحركة النقابية ولا يمكن أن تحققه إلا في ظروف تطبعها المفاوضات 

 

وأكد ولد محمد الملقب “النهاه” أن من يقودون العمال اليوم قلة منهم لديها إلمام بالحركة النقابية، وأنه لا يليق بمن يمثل العمال إلا أن يكون على دراية بأساسيات نجاح العمل النقابي المتمثلة في قوة الحجة من خلال الإقناع، وقوة الضغط عبر التفاف العمال.

 

وقال ولد محمد أنهم يتبنون في حملتهم الانتخابية الأسلوب الأوروبي المسمى بالدعاية الفردية وهو أقل فلكلورية حيث يقوم المترشح نفسه بزيارة العمال في أماكن عملهم وتجمعاتهم.

 

ولفت إلى أنهم كانوا يتوقعون أن يقوم الإعلام الذي يمول بالضرائب التي يدفعها المواطنون بإتاحة الفرصة أمام كافة النقابات للتعبير عن آرائها وبرامجها الانتخابية، لكن مع الأسف اتضح أن هناك قرارا بعدم فتحها أمام الحملة النقابية.

 

وتحدث ولد النهاه في مقابلته مع الأخبار عن مواضيع أخرى عديدة.

 

وهذا نص المقابلة:

الأخبار: كيف تُقوِّمون مسار التمثيلية النقابية، وانطلاقة الحملة، وما تحديات هذا الاستحقاق بالنسبة لكم؟

 

أمين عام CGTM: بالنسبة للتمثيلية مسألة منصوص عليها قانونيا، والنقابات أنشئت من أجل المفاوضات الجماعية بين العمال ومشغليهم، وهذا الحق حصلوا عليه بعد جهود قدموها من الصراعات مع المشغلين، والبلد فيه تعددية نقابية، وبالتالي من الضروري معرفة المنظمات التي تملك مستوى من الثقة من قاعدتها العمالية التي ستمثلها وتدافع عنها وتوقع نيابة عنها، ولكونها وصلت مستوى من الثقة أهلها لتلك المرتبة، وهذا المسار انطلق قديما في موريتانيا وشهد تعثرات عديدة وكان هناك غياب واضح للإرادة السياسية لحل هذه القضية، وهو في الحقيقة احترام نص قانوني واتفاقيات دولية، فتنفيذ موريتانيا لها حاولت التكيف مع نصوصها القانونية، حيث انطلقت في ظروف صعبة، وهناك عدة عوامل تشكل عقبات حقيقية أمام هذه العملية أولها تنظيم الانتخابات على مستوى موظفي الدولة لأول مرة في تاريخ البلد، وهو أمر غير معهود ونادر عالميا للأمانة، وبالنسبة للقطاع الخاص والشرائك الخاضعة لقانون الشغل فهي مسألة روتينية، وبالطبع فالقيمون على هذه العملية وهم المشغلون في الوظيفة العمومية ليسوا على دراية بها ما يجعل أمامهم تحديات في التعامل معها وخاصة في المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.

 

على مستوى القطاع الخاص هناك عدة شرائك تعود أصحابها عدم تنظيم انتخابات لاختيار مناديب، وبالتالي هناك تحديات جسيمة في هذه العملية، ومع انطلاقة هذا المسار الحالي بدأ المشغلون يفهمون وجود رغبة لتنظيم التمثيلية فشرعت عدة مؤسسات في إجراءات العملية والبعض الآخر يفترض أن يكملها خلال هذه الأيام، ولا زالت هناك عدة مؤسسات لم تبدأ بعد في إجراءاتها، وربما يحاول بعضها التحايل على العملية من أجل أن لا ينتخب مناديب يكونون ممثلين للعمال عنده.

 

الأخبار: هل تؤمنون بأن هذه الانتخابات ستفرز فعلاً النقابات الأكثر تمثيلاً؟ أم أن هناك شوائب قانونية أو إجرائية قد تؤثر على النتائج؟ وإلى أي حدّ تعتقدون أن هذه الانتخابات تُعبّر عن تطلعات العمال؟ وهل تم إشراكهم بشكل كافٍ في التحضير لها؟

 

أمين عام CGTM: بالطبع كل عملية انتخابية لها تعقيداتها ولها إكراهاتها لأنه في بعض الأحيان تستخدم العوامل الذاتية المنافية للمهنية سواء تعلق الأمر بالتصنيف في صف المعارضة أو الموالاة أو على أساس اللون، وهو ما يتنافى مع أهداف هذه المركزيات الساعية لخدمة العمال بمختلف أصنافهم وانتماءاتهم، وبالتالي قد تفرز أحيانا نتائج لا تعكس الجانب المهني البحت، وإنما تعكس جوانب ذاتية من خلال التصويت على أساس المعيار الاجتماعي القبلي أو الانتماء السياسي، والتمثيلية رغم الملاحظات بشأنها فإن موريتانيا بحاجة إليها من أجل إفراز نقابات ولو كانت محدودة تتحمل مسؤولية التفاوض، فالإشكال القائم في البلد اليوم هو غياب المفاوضات فوزارة الصحة توجد بها قرابة الثلاثين من النقابات، ووزارة التعليم فيها ما يزيد على الأربعين من النقابات، وموريتانيا توجد بها أكثر من خمسين مركزية نقابية، وهو ما جعل الحقل مشوشا، ومع ذلك نحن في بلد متأخر الرتبة عالميا في مجال التفاوض حيث إن آخر اتفاقية وقعت عام 1974 عمرها واحد وخمسون سنة في حين أن عمرها الافتراضي ثلاث سنوات، قبل أن تقلصها النصوص القانونية عام 2014 إلى سنتين، فغالبية القطاعات الإنتاجية في هذا البلد لا توجد لديها اتفاقيات جماعية فعمالها يلجأون لتلك الاتفاقية الوحيدة التي تعتبر بداية علاقة المشغل بالعامل وهي أدناها، هناك ست قطاعات لديها اتفاقيات جماعية وأحدثهم اتفاقية المعادن التي أبرمت 1965 في حين أن عمرها الافتراضي كان سنتان وهو ما يجعل البلد بحاجة ماسة إلى المفاوضات الجماعية حيث أن هذه المفاوضات في القطاع الخاص هي التي تتعلق بها الرواتب ولا تتعلق بمرسوم رئاسي، وهذه المفاوضات إمكانية القطاعات فيها متفاوتة فما يعطيه قطاع النفط يختلف عما يعطيه قطاع الخبز وما يعطيه قطاع المعادن يختلف عما يعطيه قطاع البناء والطرق.

 

وبالتالي فمن أجل إرساء أدنى حد للعدل الاجتماعي الذي هو أساس أي تنمية لا بد من إجراء هذه المفاوضات التي نص القانون على أنها تكون مع النقابات ذات الصبغة التمثيلية، والنصوص فيها عدة ثغرات حيث تحاول أن توافق بين عدد من الآراء المختلفة والمتضاربة وهذا بالطبع ليس سهلا.

 

أخيرا، التحديات التي تواجه الحركة النقابية اليوم متعددة وعلى رأسها بالنسبة لنا في الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا مشكل البطالة في البلد ومواءمة النظام التربوي مع متطلبات سوق العمل والسياسات الاقتصادية في البلد من حيث الاستثمارات حيث أن بلدنا يركز أكثر على الصناعات الاستخراجية بدل التركيز على قطاع الزراعة والتنمية الحيوانية والصيد الذي يوفر عديد الفرص ويحل عددا من الإشكالات، فالبطالة هي العقبة والمشكل الأكبر بالنسبة لنا في البلد.

 

التحدي الثاني هو نظام التأمين الاجتماعي حيث يوجد لدينا بلد يتوفر على نظام تأمين اجتماعي أنشئ في الستينيات، حيث كانت الدولة تتكفل بدراسة الناس وتأمينهم.. في ظل نقص معدل البطالة باعتبار كون بعض المواطنين كان يسكن في الأرياف ومنشغل بالتنمية الحيوانية، وفي ظل عدم وجود متقاعدين لكونها دولة ناشئة، هذا تغير كليا وهو ما يجعلنا اليوم بحاجة إلى مراجعة جدية لمنظومة التكافل الاجتماعي حتى تكون في مستوى التطلعات.

 

التحدي الثالث بالنسبة للبلد والعمال هو احترام التفاوض أي آليات التفاوض وآليات فض النزاعات، ما يعني أن تنظيم محاكم الشغل مسألة إلزامية بل ملحة وضرورية، وتوجد من هذه المحاكم ثلاثة في البلد مع أن النص القانوني يفيد بأن المحاكم الجهوية في الولايات تحل محل محاكم الشغل حال غيابها، والقضاة يتعللون بعدم معرفة النصوص، وهو ما جعل العبء على هذه المحاكم الثلاثة الواقعة في نواكشوط ونواذيبو والزويرات، فنواكشوط فيها ما يزيد على ألفي ملف فردي من النزاعات الفردية، وما يزيد على 120 ملفا جماعيا، وبالتالي فمع انتهاء السنة القضائية يفترض أن تكون المحكمة عاينت ودرست حوالي مائة ملف أو مائتين إلى ثلاثمائة ملف، وفي نفس الفترة ترد عليها أعداد كبيرة من الملفات ما يجعل تراكمها في تصاعد، وهو ناتج عن عدم التنظيم مع أن المشرع بوب عليها، بالنسبة لمفتشيات الشغل فالهيكلة التي أجربت عليها مؤخرا منافية للقانون، وهو ما يجعلها بحاجة للغربلة والتكوين وإعطائها الصلاحيات، حيث أن مفتشية الشغل أقصى ما لديها هو أن تحرر محضر مخالفة وتحيله إلى العدالة دون أن يكون له أي أثر ودور في حين أن عنصر الأمن حين يجد السائق مرتكبا لمخالفة لا يحرر فيه محضرا ويحيله إلى العدالة بل يرتب عليه العقوبة في تلك اللحظة ويلزمه بتسديدها، والسلطة الاجتماعية لا مكانة لها عندنا في الحقيقة، وهو من التحديات لأن لها دور أساسي في فرض احترام النصوص القانونية التشريعية التنظيمية والتعاقدية الموجودة في البلد، في حين لم تمنح لها الوسائل، وهي من كبريات التحديات.

 

على مستوى القطاع العام هناك تحديات كبرى على رأسها التكوين حيث أن الراتب الوظيفي في السابق كان كفيلا بالمتطلبات في حين أن أكبر موظف اليوم لا يمكن أن يعيش دون أن يلجأ لتلك الطرق غير المشروعة، وحين يحال الموظفون إلى للتقاعد تكون ظروفهم أصعب بفعل نظام تأمين التقاعد الذي لم يشركوا فيه في تسييره لا في طريقة تمويله ولا في طريقة تسيير ما حصل من التمويل ولا إشراكهم في الإدلاء بآرائهم حول التحديات الماثلة أمامه.

 

 

التحدي الثاني هو أن الدولة مقيدة وفاقدة لسياستها الاقتصادية والنقدية وهو تحدي لكل الموريتانيين المهتمين بمصالح البلد، فصندوق النقد الدولي هو الذي يملي علينا السياسة النقدية والبنك الدولي، كما أن صندوق النقد الدولي يملي علينا سياسات الميزانية، ولا أغرب من ذلك سوى إقدام إحدى وزراء المالية والاقتصاد على توجيه رسالة للمديرة العامة لصندوق النقد الدولي يعتذر فيها عن زيادة أقروها للموظفين آنذاك عللها بسبب الظروف التي أرغمتهم على الإجراء وأنها لن تتكرر، فعلاقة موريتانيا مع هذه المؤسسات يجب أن تكون على الطاولة، ومن ضمن الاهتمامات الرئيسية لكافة الموريتانيين لأنها السبب في كثير من المشاكل القائمة حيث تملى علينا الطرق التي نصرف بها ماليتنا.

 

نحن اليوم مستشفياتنا لديها عجز وتحتاج 800 طبيب من ناحية التسيير دون التغطية الشاملة في البلد، وهو ما يتجلى في تكرار تظاهرهم من أجل المطالبة بالاكتتاب، فالسياسة المفروضة على الدولة في مجال الموازنة جعلها أمامها حواجز لا تتعداها، بينما أغلب الاقتصاديين المهتمين بهذا المجال يؤكدون على أن الاستثمار في الحقل الاجتماعي له مردودية مباشرة على الدورة الاقتصادية والرفع من المستوى الاقتصادي، وأقرب مثال على ذلك أن أغلب المواطنين يستهلكون دون حاجتهم من المعكرونة بفعل تدني الأجور في حين لو تم رفعها لارتفع الاستهلاك وازدادت وتيرة الإنتاج، ما يسهم في زيادة مداخيل الدولة وحاجتهم للعمالة، وبالتالي فزيادة رواتب العمال ليست كارثة بل على العكس، وقد تكون هذه الإشكالية مطروحة لبعض الدول المتطورة اقتصاديا حيث أن مستوى الادخار ومستوى الرواتب لو زيدت فإن غالبيتهم لن تزيد في استهلاكها لكونه بلغ قمة الاستهلاك وسيوظف الزيادة في متطلبات أخرى، وخلاصة التحديات أن هذه العملية سيشوبها كثير من النواقص، حكمنا عليها سيكون بعد انتهائها وما تقدم منها فيه عدة تعثرات بدءا بالنصوص المؤسسة للعملية، وفي تنظيم العملية ذاتها وما سيحصل من التداخلات التي تعود عليها الموريتانيون، كما نأمل منها غربلة الساحة النقابية حتى تكون موريتانيا تحترم التزاماتها في مجال التفاوض الذي هي بحاجة إليه، وتكون بادرة لفرض دولة القانون، فالمقولة بأن موريتانيا لديها قوانين وغير مطبقة جانب منها صحيح وجانب غير ذلك، فهناك قوانين كارثية منها على سبيل المثال قوانين حرية التنظيم والتعبير، وكذا التجمع المرتبطة بأخذ إذن من الحكومة، والعبء الأكبر في تحقيق هو على الحركة النقابية ولا يمكن أن تحققه إلا في ظروف تطبعها المفاوضات.

 

الأخبار: ما الخطوات التي اتخذتموها لحشد وتوعية العمال بأهمية المشاركة في هذا الاستحقاق؟

 

أمين عام CGTM: بالنسبة لنا في الكونفدرالية العامة لعمال موريتانيا هناك عدة أساليب في الحملات، منها الأسلوب الأمريكي الذي تبنته مع الأسف موريتانيا دون وعي، وهو أسلوب الفلكلور المتمثل في المهرجانات واللافتات، وهناك الأسلوب الأوروبي المسمى بالدعاية الفردية وهو أقل فلكلورية، حيث يقوم المترشح نفسه بزيارة العمال في أماكن عملهم وتجمعاتهم، ونحن لا زلنا لحد اللحظة نتبع ذات النهج، فالنقابات المهنية هي المترشحة لكون الكونفدراليات لا توجد خارج النقابات المهنية إلا نادرا، وتوجد أيضا اتحاديات لا تعير النقابات المهنية اهتماما كبيرا، وهذه النقابات المهنية تتفاوت في إمكانياتها وتنظيمها وانتشارها واستخدام الوسائل التعبوية في الوصول إلى القاعدة الانتخابية، بالنسبة للقطاع الخاص ليست هناك حملة بالمفهوم التقليدي بل على مستوى كل مؤسسة بالتراتبية وفق التواريخ المزمنة لها وتجري الانتخابات والحملة في كل منها على حدة مستقلة.

 

أما الحملة المتعلقة بالوظيفة العمومية فالنقابات التي لديها انتشار واسع كنقابات التعليم والصحة سيتخذون إجراءات من ضمنها إرسال وفود إلى الداخل، وكذا التركيز على الاتصالات المباشرة والمحاولة مع العمال، ونفضل أن يكون اختيار الناس طواعية بوعي دون إكراه أو اعتبارات جهوية، باعتبار التصويت عن وعي هو الذي يساهم في بناء المشروع النقابي بينما التصويت لتلك الاعتبارات الأخرى فهو لأجل مصلحة معينة وذاك راجع للتأخر في مستوى انتشار الوعي النقابي.

 

وهنا أشير إلى أن التحولات الاقتصادية والاجتماعية الهامة مرت عبر الحركة النقابية فالدول التي تطورت فيها الحركة النقابية شهدت عدة مسائل طفرة اقتصادية مهمة، وكذا العدالة الاجتماعية، ودولة القانون، وهذا ليس تنقيصا من دور الأحزاب السياسية فأحزاب المعارضة يمكن أن ينزلوا للشارع بثلاثمائة ألف شخص اليوم، لكن في بلد الرأي العام فيه لا يؤثر ومن وصلوا إلى السلطة لا يعتبروا أنهم وصلوا حقيقة وحكما كنتيجة عن إرادة الناخب، بل لديهم آليات أخرى توصلهم إلى السلطة، والحركة النقابية مرتبطة بالعملية الإنتاجية ومعنية بدولة القانون واحترام القانون واحترام الحريات، وبالتالي الموقف منها صارم حين تكون لديها قواعد متوافق عليها بين الجميع، وليس كموقف حزب سياسي باعتبار توقيف الاقتصاد وما يحصل من تجاذبات مرده التنافس الاقتصادي، كما أن الحكام دافع بحثهم عن السلطة هو الحصول على الثروة والامتيازات فحين يتوقف الاقتصاد لا بد أن يفتح حوار للملمة الأزمة وعودة استمرارية الاقتصاد، فقدرة الضغط التي تمتلكها الحركة النقابية على الحكومات ليست لدى الأحزاب السياسية أو منظمات المجتمع المدني، وهما اللذان لديهم القدرة إن توفرت الإرادة في إحداث تغيير وتشكيل قوة اجتماعية متماسكة قادرة أن ترغم الحكومات على عدة أمور بينها احترام النصوص وسياسات تشغيل واعدة وسياسة تربوية واعدة قادرة على تخريج كفاءات يستوعبها سوق العمل، فهناك عدة أمور إذا حصلت من خلال الحركة النقابية سيختفي التمييز على أساس اللون والجهة، فإذا وفر للمواطن الموريتاني ما يحتاج إليه بشكل أساسي من تعليم وصحة ومعاش وسكن وراتب لن يسأل عن أصل أي أحد، وهو ما جعل الاستفادة من هذه المتطلبات المتاحة محصورة في طرق لا تتاح للجميع.

 

الأخبار: في حال لم تُحققوا نتائج متقدمة، هل ستقبلون بشرعية النتائج باعتبارها خطوة نحو تنظيم الحقل النقابي؟

 

أمين عام CGTM: لسنا في عجلة من أمرنا حتى تتضح النتائج، فمثلا هناك بعض الشركات التي جرت فيها انتخابات ليس لدينا اتجاهها أي تحفظات، بينما على مستوى المؤسسات العمومية كانت لدينا مشكلة على مستوى طب الفيروسات حيث يوجد لديهم قرابة مائة عامل ثمانون منها أصحاب عقود بصيغ مختلفة من ضمنهم مقدمو خدمات، وقرروا أن هؤلاء المتعاقدين غير معنيين بعملية التصويت هذه، ونظيرة ذلك التلفزة التي قررت إقصاء المتعاونين والإذاعة التي كانت تنويه، كما أقصتهم الوكالة الموريتانية للأنباء من انتخاباتها، وفي الحقيقة تسمية المتعاونين وهم من يقع عليهم عبء العمل مقارنة بالوقت الذي يستغرقونه في الدوام ونظراؤهم في شركة الكهرباء تطلق عليهم العمال المؤقتين وهم منذ عشرين عاما في الخدمة، وتصنيف هؤلاء أنهم عمالا مؤقتون لا أصل له، وهو نوع من التحايل على القوانين، كما أنه من التحديات الكبرى التي تواجهها موريتانيا وعلى الحركة النقابية مواجهته.

 

وبالتالي، هناك عدة مشاكل قائمة، منها ما يمكن التغلب عليه كما هو حال مناديب عمال المعهد العالي للتعليم التكنلوجي بروصو الذين لم تنته مأموريتهم القانونية بعد ويريدون لهم أن يجددوا انتخابهم بناء على التعميم الصادر مؤخرا، وكأن التعميم فوق القانون، وعلى كل حال هناك عدد من الإشكالات وما يهمنا في الكونفدرالية العامة رغم المآخذ على العملية في النصوص الحاكمة وفي طريقة تطبيقها هو الخروج من هذه الوضعية الذي يعتبر خطوة إلى الأمام، إذا كان القطاع العام الذي لم تجرى فيه انتخابات سيحدث فيه ما يحدث في الانتخابات التقليدية سنحدد منه موقفنا حين يتأكد لنا بشكل عملي، فالدعاوى أخطر ما تواجهه هو عدم الاستناد على معطيات دقيقة، والولاية في هذا المجال لا تقنع بل لا بد من دليل ملموس يشيب نزاهة العملية، فالمخالفات مرفوضة ويجب أن يتصدى لها بالوسائل القانونية، والوسائل غير المشروعة المرفوضة عند المجتمع إذا لم تواجه بالرفض سيتعود عليها الناس من خلال تكرارها الدائم، فالسكوت على التجاوزات يجعلها تعم وتصبح قاعدة وذاك راجع لعدم الدراية بأضرارها وخصوصا من الأنظمة الحاكمة المتعاقبة، حيث أن أغلب تلك الأنظمة كغيرها من الأنظمة الحاكمة في العالم لا تعي أن قوتها لا تقاس بما تملكه من وسائل ردع، بل تقاس بمستوى تقبل الساكنة للقرارات التي تصدرها وهذي نقطة قوة لذاك النظام الحاكم، وحين تكون الغالبية ترى أن ما يصدر عن المحاكم دون المطلوب والممكن فإنه لا يمكنه أن يقهر إرادة الشعب ولو كان تحت يده مقدرات الجيش وهو ما قد ينجم عنه تراكمات، والأخطر أن تقود تلك التراكمات إلى مستوي يقود إلى الانفجار وهو ما ليس في صالح أي بلد، باعتبار الانفجار صفعة لكافة القوى النظامية بما فيها النقابات ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية، وهو ما يعني عجزها عن تشكيل إطار لتوصيل وتحقيق تطلعاتها، وبالتالي على كل حال سنقيم العملية ونبرز ما فيها من إيجابيات بكل موضوعية، وما فيها من سلبيات سنبينه، فالأمر الملح عندنا هو الوصول إلى ما يفضي لتنظيم مفاوضات تنصف العمال الموريتانيين.

 

فعلى مستوى قطاع الإعلام الخصوصي تجد كافة مؤسساته لا يوجد لديها عامل مؤمن لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ولا فيها من يسلم له كشف أجور وهي مثل مهنة عمال المنازل يمكن أن يستغنى عن خدماته في أي وقت ما يجعل العلاقة بين العامل والمشغل هشة وهو واقع خطير على البلد، ولا يمكن لأحد الجزم أن ما يحصل في مالي أو في دول الجوار لا يمكن أن ينتقل إلينا لا قدر الله، وتفادي ذلك يتطلب إجراءات وسياسات تحتوي الوضع حتى لا يتطور إلى نتائج سلبية ونأمل لبلدنا كل الخير.

 

الأخبار: ما موقفكم من مقاطعي الانتخابات؟ وهل من مع كلمة أخيرة؟

أمين عام CGTM: المقاطعة هي حق مشروع لمن قرروها، كنا نتوقع أن يقوم الإعلام الذي يمول بالضرائب التي يدفعها المواطنون بإتاحة الفرصة أمام كافة النقابات للتعبير عن آرائها وبرامجها الانتخابية، لكن مع الأسف اتضح أن هناك قرارا بعدم فتحها أمام الحملة النقابية.

 

نأمل أن تحقق العملية الأهداف المرجوة منها وهي تمكين العمال والموظفين من اختيار النقابات التي تمثلهم ويأتمنونها على إيصال مطالبهم وتفاوض عنهم بنزاهة وكل جدية، ونرجوا حياد الإدارة خلال هذه العملية وكذا إدارات المؤسسات وعليهم أن يستوعبوا أن التأثير على قرارات العمال واختياراتهم قد يكون حلا آنيا لكنه خسارة استراتيجية حيث أن من انتخبوا جاءوا لهذه المسؤولية على إكراه فحتى لو قدموا للعمال أقصى ما قدموا فسيبقى لديهم تشوف إلى أنه يمكن أن يقدم أفضل منه حتى ولو كان هو الممكن وذلك لانعدام الثقة الناجم عن طبيعة الانتخاب فينعدم الاستقرار الذي كان مرجوا من المفاوضات أن تؤسس له، وما يصدر من مراسيم رئاسية بشأن الأجور هي خطوة رغم كونها مخالفة للنصوص فإنها لا تحل إشكالا لكون العمال والموظفين حاجياتهم كبيرة وما يجدونه لا يغطي تلك التكاليف فما أعطي لهم يعتبرونه ملبيا فقط لجزء من الحاجات ويطالبون بالمزيد، بينما لو كان تم تمريره عبر المفاوضات مع المنظمات النقابية التي ينبغي أن تكون على صلة بقواعدها التي تفاوض عنها وتكون المفاوضات وفق دراسة الممكن من خلال المعطيات الاقتصادية حتى يكون ذلك مقنعا للمفاوضين المنتدبين عن العمال والموظفين.

 

ومن الطريف أن بعضهم قد اقترح علي تنظيم مظاهرات مؤيدة لأحد المراسيم المتعلقة بالأجور، فنبهته إلى أن مضمون المرسوم ليس في صالحنا، وهو ما يعكس عدم استيعاب العملية النقابية التي يغيب تدريسها عن جامعتنا في حين أن الجامعات العالمية تدرجها ضمن المقرر الدراسي، والمتتبع لكافة من يقودون العمال في الشركات يجد قلة منهم من لديها إلمام بالحركة النقابية، ولا يليق بالعمال ولا بمن يمثلهم إلا أن يكون على دراية بجوانب العمل النقابي وأساسيات نجاحه المتمثلة في قوة الحجة وإقناع الرأي العام بإمكانية تحقيق مطلبه لأن المشرع لم يضع سقفا كما لو طالبوا ببناء عمارة سكنية من الذهب لكل عامل فهذا ليس محرما قانونيا، لكن ما الممكن؟ ذاك متروك للمفاوضات، إضافة لقوة الضغط من خلال وحدة العمال بمختلف انتماءاتهم خلف المطالب واستعدادهم للانخراط في كافة الوسائل التي يتيحها لهم القانون بدون أن يرغم العامل على أن يغلق محله وإنما يقدم تنازلات في حدود الممكن، فحين لا تمتلك النقابة حجة فإن حسن النوايا لا يحقق لها مطالبها، وكذا أن تشرك العمال في كافة خطواتها من أجل أن يواكبوها.

 

الأحدث